بعد أن أرخى الليل سدوله , وعانق النوم أرواح الناس , ظلت عيوني ساهرة لا يزورها النعاس !
هواجس الأفكار جذبتني تحت الغطاء , أفكر بما فعلت في يومي وماذا سأعمل لغدي , وخوفا من ساعتي هذه إذا أقبل الموت اثناء رقادي ..
تركت التفكير بحياتي , واستولى الخوف على عقلي من الأجل المحتوم .
وبدأت تراودني إيحاءات شيطانية لأعود للانشغال بدنياي وأبعد عن الحق , انتبهت ونهضت من مخدعي وسرت لحديقة المنزل فتبللت قدماي من ندى الليل , ورأيت كيف نسجت السماء نقابأً من ضي القمر والنجوم ,
رفعت أكف الضراعة وأنفاسي تسيل مع الهواء لبارئها , ها أنا بين يديك يامولاي أغفر لي ذنوبي وتقبل مني اليسير واعف عن الكثير , ولا تجعل عقبات المطامع احلامي وركوبي , ولا المتاعب تثقل جفوني , ولا أشباح الخوف والقنوط تعذب فؤادي , وخلصني من وساوس شيطاني .
توضأت وصليت وتلوت الآيات , سمعت نداء المؤذن لصلاة الفجر , فارتعشت واقشعر بدني وكأن الشيطان خرج من جسدي , وزال الهم واليأس عن صدري .
وبعد أن أزيح الستار عن ظلمة الفجر وانبسطت أكف النهار بظهور قرص الشمس تناولت الفطور وأطرب مسامعي زقزقة العصافير وتسبيح الديك , فشعرت بالأمان , إذ قذف الخالق حكمة في قلبي :
( الإفراط بحب الدنيا كالثمرة إذا نضجت سقطت واندثرت ) , و(عشق الله نظام يسودنا به عقولنا تديرنا وتطمئن قلوبنا وتنير بصيرتنا ) .
فقررت السعي بأن أنال حكمة من سنا ضياه وأسهر من كل شهر ليلة لله.